الاثنين، 4 يوليو 2011

شاشات باردة .. و معاشات أبرد


قابلتهم كثيراً وهم جالسين خلف الشاشات الباردة يتابعون  أسهم حمراء هابطة واخرى خضراء صاعدة  ..
وراقبتهم و هم يصيحوا فى فرحة إعلاناً عن ألوف من الجنيهات ستتحول تلقائياً لحساباتهم فى المصارف, سمعت احاديثهم عن شركة كذا اللى طلعت وشركة كذا اللى نزلت وعن ميعاد توزيع أرباح شركة كذا وعن كوبونات شركة كذا .... ثم نظرت حولى فلم أجد عملاً أو جهداً أو إنتاجاً ..
فقط شاشة باردة وامر شراء وامر بيع

وقابلت هؤلاء أيضاً كثيراً وهم مصطفّين , مهطعين  , مقنعى روؤسهم , محنية ظهورهم من أثر الكد والعمل والعرق فى خدمة بلادهم ما يقرب من 30 عاما دفعوا خلالها أقساط شهرية من مرتباتهم الهزيلة للحكومة وأوكلوا إليها فرصة أستثمار أموالهم حتى ياتى هذا اليوم و يقفوا  فى صف طويل فى عز شمس الظهيرة صيفا ومن الفجر فى عز برد الشتاء .. أمام موظفين سئموا منهم ومن خدمتهم ليحصلوا فى النهاية على وريقات قليلة بالكاد تكمل الثلاث مئات  فى احسن الاحوال
الأحظهم وهم ينصرفون من امام الموظف ومعهم غنيمتهم  ويبدوا  و الرضا يغمر وجوههم .. تراهم وهم يطبقون علي غنيمتهم  فى قوة وخوف
أعينهم تراها زائغة وهم منهمكين فى حساب  مصاريف الاكل والشرب وقسط الجمعية و ايجار البيت واجرة الكشف وتمن الدوا والكام جنيه اللى بيتحطوا تحت المخدة للواد العطلان .. ثم ينظروا مرة اخرى للوريقات القليلة ثم يبتسموا فى حزن ثم تنعدم الحيلة فينصرفوا مهطعين مقنعى روؤسهم

وفى النهاية ...
تحتاج الحكومة الى 3 مليار جنيه ... فتنظر لأصحاب الشاشات فيحذروها من مغبة التفكير
فتتراجع سريعا لتنظر الى اصحاب المعاشات وتراهم فريسة ما اسهلها
عندئذ نتيقن نحن أننا نعيش على أرض الأغنياء بقانون الأغنياء الذى يحكمنا به الأغنياء
حيث لا مكان للفقراء

إقرا لتتأكد

السبت، 2 يوليو 2011

هل فعلا .. يلعن ابو الشعب ... ؟؟ 1

فى أحد أيام صيف القاهرة الحار عام 2004 شاهد المصريون بأعينهم هذا الكائن الفضائى الخرافى فى شوارع منطقة وسط البلد وبالتحديد فيما كان يسمى وقتها واحة الحرية والثورة . أو شارع عبد الخالق ثروت حيث مقر نقابات المحامين والصحفيين ونادى القضاة .. الرحم الذى خُـــلّــقت فيه نطفة لمولود بديع  وساحر سيتأخر قليلاً ولكنه غالباً سيأتى . فقط ليس أكثر من 7 أعوام .
وقتها شاهد المصريون ما يقرب من 15 مصرى يرتدون ملابس يلبسها معظم المصريين ويتكلموا نفس لهجتهم ولكنهم يهتفوا هتافاً غريباً عجيباً مخيفاً .. كانوا يصرخون بصوت عالِ .. يسقط يسقط حسنى مبارك .. !!!
وكانت على صدورهم ثمة ورقة صفراء صغيرة على شكل دائرة وتظهر عليها كلمة كفاية .

رأى المصريين ذلك المشهد الإستثنائى ولم ينفروا منه ولم يرفضوه ولم يعترضوا عليه بما يؤكد أتفاقهم معه ولكنهم نظروا له فى صمت ولعنوا داخلهم الخوف والرعب والأستعباد والقهر الذى منعهم من متعة الهتاف بـــ ..  يسقط يسقط حسنى مبارك
 وصاروا يغبطون هؤلاء المصريون ويحسدونهم على جرأة وشجاعة امتلكوها وحرية حررت نفوسهم قبل ألسنتهم وجعلتهم يهتفوا هذا الهتاف الخيالى فى وسط القاهرة المحاصرة والممنوعة و المقهورة  .. ثم واصلوا النظر فى صمت ومروا ولم يتوقفوا .

يمر الأن على صيف 2004 الفريد ستة عشر فصلأ اخر حتى يأتى ربيع 2008 وبتابع المصريين فى دهشة إنتشار دعاوى بين المثقفين والشباب تسمى "خليك بالبيت" بالتدريج بدأوا يفهموا المقصود منها ..
الأحد 6 أبريل 2008 يوم للجلوس فى المنزل وعدم النزول للعمل أو لأى سبب . إضراب شامل وكامل عن كل شىء فى أول دعوة لعصيان مدنى فى التاريخ المصرى الحديث والقديم ايضاً على ما اظن .
إعتراضاً صامتاً وزاعقاً فى نفس اللحظة على سياسات النظام الحاكم .. أيضاً لم يعترض المصريين ولم يرفضوا الفكرة وتم تنفيذ أول إضراب مصرى شعبى تقترب نسبة نجاحه من الأكتمال وتنشر صحيفة المصرى اليوم وقتها صورة لشوارع القاهرة وهى خاوية على عروشها إلا قليلاً فى ساعة ذروة يوم أحد وهو أمر لو تعلمون عظيم . شارك المصريون حيث لم تكن هناك تكلفة امنية أو سياسية  لمشاركتهم  ... فقط ...  إجلـــس فى بيتــــك
مر هذا اليوم ولكن فى اليوم التالى أستيقظ المصريين على خبر أعتقال العديد من الشباب أتذكر الأن أسماء  مثل إسراء عبد الفتاح , رامى يحيى وغيرهم كثير .
تضامن مرة أخرى المصريين فى صمت مع اصحاب الدعوة للأضراب ونظروا بفخر للشباب المقبوض عليهم ثم نظروا لأنفسهم ولعنوا أنفسُهم ونفسَهم المسكونة بشعور الرعب والخوف و القهر والإستعباد ومشاهد أفلام البرى و الكرنك وأحنا بتوع الأوتوبيس وما أحدثته فيهم .

كانت تتم فاعليات حركات الاحتجاج المصرية فى ظل قبضة امنية باطشة تضرب بكل قوة و عنف وبلا رحمة , كانت المظاهرة تضم مثلاً 20 فرداً ويحاصرها نحو 2000 فرد أمن من جندى الأمن المركزى وحتى اللواء مساعد وزير الداخلية وما بينهم من رتب ونسور ودبابير , تشاركهم عشرات العربات المصفحة الخضراء الكريهة الشكل والتى بالمناسبة أفتقد رؤيتها فى تقاطع شارع رمسيس مع  شارع عبد الخالق ثروت  والتى كانت تحول القاهرة إلى ثكنة جنود وميدان حريى عسكرى طول الوقت .
وأيضاً أعتاد المصريين أن يمروا من  امام تلك المظاهرة أو الوقفة الأحتجاجية أو الأعتصام .. التى أعتادوا أشكالها و أبطالها وهم ينظروا فى صمت ثم يواصلوا مرورهم .. ويظل المشهد كما هو لعبة قط و فأر بين الأمن والنظام والمتظاهرين ويكاد يؤمن كل من يشاهد المشهد وأولهم المتظاهرين ان المشهد سيظل هكذا . ولن يتغير على الارجح وكان يزكى نفوسهم شعورهم  أنهم يفعلوا ما يؤمنون به بدون غرض أو مصلحة  وحتى وان لم يفهم او يستوعب باقى المصريين . بقى التأكيد ان تلك الفئة من المصريين هم أنبل وأجمل من أنجبتهم مصر

إلى ان حدثت الطامة الكبرى وقرر المصريين المشاركة بدلاً من النظر والتسلية بعض الوقت ثم مواصلة النظر و المرور فى صمت ... فقط جزء من المصريين قرر المشاركة فكانت ثورة 25 يناير .....
أجمل حاجة حصلت فى حياتى . و أسعد لحظة عشتها .. واللى معنديش شك إنى مش هاعيش لحظة أجمل منها مهما عشت ...
كفاية بس عليا مشهد الأف المصريين وهما فى الشوارع بيقولوا بالظبط شعار كفاية اللى كان نفسهم يقولوه من  7 سنين ...
 يسقط يسقط حسنى مبارك ...