الأحد، 22 أبريل 2012

إلى أين يذهب عبده ؟؟

و أنا على بوابة مقر عملى لمحته يهم بالخروج فى إرتياب وقلق , كأنه يهرب من شىء ما  ألقيت عليه التحية ورد فى سرعة وتعجل دون أن ينظر إلىّ ,  كان ينظر للأرض وكأنه يخفى وجهه عن الناظرين .  كان يجتهد فى محاولة الخروج دون أن يراه أحد فهو فى حكم المزوغ  خلال أوقات العمل الرسمية , الطريف كان أعتقاده أنه نجح فى مسعاه وأن لا أحد على الإطلاق يعلم إلى أين يذهب فى هذا التوقيت المبكر من ساعات العمل  .. وفى المقابل  كل من يعرفه يعلم تماماً  أين يذهب عبده فى تمام الساعة الحادية عشر من صباح كل يوم بداية من مديره الذى يستأذن منه للخروج لأمر ما كل يوم فى نفس التوقيت .. إلى زملاءه فى الإدارة مروراً بموظفى الأمن القابعين عند البوابة وإنتهاء بأصحاب المحلات الموجودة فى محيط مبنى المصلحة الحكومية .  يستغل عبده  هذه الوقت من الصباح فى الوقوف فى طابور العيش  ليقضى حاجته من الأرغفة الساخنة ويعود مرة أخرى إلى مقر العمل حاملاً كيساً كبيراً فيه ما يقرب من 35 رغيف عيش ..  عبده يمثل عندى حالة تستحق الدراسة والتحليل وكثيرأ ما أتأمله باحثاً عن شىء ما وكثيراً ما سألت نفسى ماذا يفعل عبده بهذا العدد الكبير من الأرغفة ؟؟ كم رغيف يحتاجه عبده وكام رغيف يجد طريقه لصندوق القمامة  ؟؟ .  هل تقوم مثلاً عائلة عبده بتربية بعض الطيور المنزلية التى تتغذى على أرغفة العيش بدلاً من العلف كنوع من التوفير .. حيث أن أسعار الرغيف المدعم أقل كثيراً من اسعار العلف ؟؟ .. وكثيراً أيضاً ما استسلمت لفكرة ان عبده يعيش ضمن عائلة كبيرة فى بيت  كبير يضم عدد من الأشقاء وهو المسئول عن توفير حاجاتهم من العيش  .
عبده فى أواخر الثلاثينيات غير مهندم على الأطلاق , دائماً ما تجد فى مظهره شىء ما   حذاء مهترىْ , ألوان غير متناسقة , تى شيرت أسفل القميص لونه يدمر الصورة بالكامل  - لا يهتم بمظهر شعره طبعاً - . بمجرد النظر إليه تعلم أنه أحد مواطنى قرية ريفية من القرى الواقعة على أطراف القاهرة , لا تسل ولا يشغل تفكيرك فكرة أن مواطن ريفى يدوام على شراء حاجاته من الخبز من يومياً . لأن قُــرانا انتهت فيها تلك الأنشطة منذ زمن .
منذ شهر تقريباً جمعتنى به صدفة الألتقاء عند مكتب المدير العام وعند خروجنا لمحته ينزل سريعاً على السلم المؤدى لبوابة الخروج وسألته بأبتسامة وفى إنتظار سماع جواب ما ..  إلى أين ؟؟ رد قائلاً فى خبث ريفى مكشوف .. مشوار كده وهاجى على طول .. كنت اريد أن أثبت لنفسى فكرتى المستقرة عنه .. رغيف العيش يمثل عنده غاية عظيمة وهدف حيوى جداً لو تعلمون . يأتى إلى العمل صباحاً وفى ذهنه متى سيخرج لشراء العيش . ويبداً اللاعمل وهو ناظراً فى ساعته بين الحين والأخر منتظراً حلول الحادية عشر . أخبره مرة مديره أن عليه الذهاب إلى مأمورية تخص العمل .. أوامرك يا فندم .. أمتى بالظبط وهاروح فين  ؟؟ رد وقال مشوار سريع لغاية المحكمة الفلانية  تخلصه دلوقتى وتيجى تانى على طول .. فرصة وانا راجع اعدى على الفرن بالمرة " قالها بينه وبين نفسه " حاضر يا رئيس أوامرك . وكثيراً ما اضبط نفسى ماراً على الغرفة التى تشغلها الأدارة التى يعمل بها عبده "بعد الحادية عشر طبعاً"  لأتحقق من المكتب الخاص به المغطى تماماً بأرغفة العيش الساخنة والتى يقوم عبده بفردها لزوم التهوية .
ذات يوم جاءنا خبر وفاة والد أحد الزملاء , فى تلك المناسبات يقوم العمل بأخراج سيارة تحمل بعض الزملاء لحضور الجنازة والعودة فى إطار التكافل بين الزملاء وبعضهم  فى  الظروف الأستثنائية مثل حالات الوفاة . وتتم كتابة اسماء الموظفين الراغبين فى الذهاب للتعزية وحضور الجنازة ويتم إعفاء هؤلاء من الأمضاء فى كشوف الإنصراف ويكتب أمام أسم كل منهم " واجب عزاء " .. وفعلاً توجهنا أنا و مجموعة من الزملاء و تحركت السيارة فى أتجاه منزل الزميل وأتيح لى أن أرى كشف الأسماء و وجدت أسم عبده .. فمررت  ببصرى فى السيارة  ولم أجده ونظرت من الشباك وكانت العربة بالصدفة البحتة تمر أمام مخبز نصف إلى " هكذا كُـــتب عليه " ولمحت عبده يقف فى إحترام كامل ومهابة شديدة فى طابور العيش كأنه يقوم بمهمة مقدسة  ممسكاً بالكيس البلاستيك فى إنتباه وتحفز . عبده واحد من ضمن ملايين انبهروا بخطاب تحكيم شرع الله فينا ولا أدرى هل سأل نفسه عن حرمانية الفترة التى يقضيها من أوقات العمل الرسمية أمام الفرن .. لا أعتقد أن مسألة تافهة كتلك قد شغلت فكره مرة واحدة .

الجمعة، 20 أبريل 2012

قـــالـــوا ... فـى يــوم التــدويــن الــنـوبــى

موروث الحزن في داخل رفاقي من النوبيين ...ذلك الموروث من الحزن الذي يلازمهم منذ الطفولة
" رغدة  محمد "

إن أحببت أن ترى النوبة فلا يمكنك أن تراها عبر الشاشة التى لم تقدم الواقع اليومى الذى يعيشه أهل النوبة
" د.محمد محمود مقبل .. طبيب وغاوى فن "

فاذا كنتم تحنون لبلادكم اللتي تنتمون لها فنحن بدأنا نكره بلادنا التي ننتسب لها
" حسام عبيد متحدثاً عن معاناته هو وكل أهل سيناء "

لفظ السودان و هي كل الاراضي اتي خرجت من تحت الحكم المصري اثناء الثورة المهدية و هي اريتريا الحالية و اجزاء من اثيوبيا الحالية و اوغندا و اجزاء من الصومال الي جانب السودان الحالي
" السيد مصطفى فى شرحه للفظ السودانى بعد اتفاقية الحكم الثنائى فى  1899 "

وكأن كل من يخرج من ارضها يصبح فنان بالفطرة
" رمضان كيمو .. مخرج مسرحى شاب " 

يقسمون أمامى بأن جدهم اخر ميت فى بلاد النوبة القديمة, و أن عظامه هى الأجدد تحت الماء. لا يصدقهمالبعض, و لا يهتم البعض الاخر. و أنا...لا أستطيع تبين الخط الفاصل بين القصة و الأسطورة.
" من قصة قصيرة بعنوان عن أخر ميت فى أدندان بتوقيع .. جورباتى لمسته القصة " 

فالنوبة ليست رقصات واغانى فقط
" سارة سعد الدين "

كنا نسمعهم حين يتحدثون عنها وكأنها الجنه التي اخرجوا منها مرغمين
" محمد حمدى " 

سمراء هى كلون ليل المظلوم .. أبيّة كريمة الأصل والمعدن ..تُظلم ولا تظلم .. كالأم تعطى ولا تأخذ .تتحلى بالصبر والجَلد فالصبر ثمة المؤمنين ..وهى مؤمنه بأن الخير قادم وأن الشر زائل
" سمراء النوبة .. مشاركة مدونون بلا قيود " 

حلم بالعودة الى ارض لم ترها عينى . ولكن هى ارض عشقتها
" سعاد ابو راس " 


 من بين انات السدود أبت وتبدو ... ترنيمة للمجد والنور والحقيقه
" أحمد عيسى عبد السلام " 

جدير بالذكر أن خلال التهجير عرضت النوبة السودانية على النوبيين المصريين الأقامة هناك، و لكنهم رفضوا
" رامى يوسف " 

منذ أن وطأت قدما بيكار النوبة سقط مولعًا بجمالها وتفردها وهدوءها وتميزها ، وجد بيكار حوله كل هذا الجمال فلم يستطع إلا أن يعشقه و يعبر عنه فى إبداعات فنية تشكيلية متفردة أصبحت علامات مضيئة فى تاريخ الفن التشكيلي المصري
" ضحى مصطفى " 

النوبيين الذين رأيت فيهم العمق والصراع حول الهوية والعين اللامعة وهم يتحدثون عن وطنهم .
" مزن حسن " 

اتجهوا الى العمل فى الشمال باحثين عن الرزق ليعترضهم حاجز اللغة و الثقافة.
" عبد الرحمن طه .. إخصائى إجتماعى نوبى "

نرى مؤخرا التمثيل الهزيل للنوبين ف دستور الدوله المستقبلى القادم
" عمر سليمان .. سيالة " 

واكيد فى يوم من الايام حانروح وانعمرها وحاتبقى رحله من غير عوده
" إسراء حسين " 

اعتقد ان الاوان قد ان لنكف عن الابتسام ونزمجر ونصرخ بمنتهى الايجابيه ايها القوم نحن هنااااااا
" رحاب جمعة " 

وكتبت الأشعار الحزينة على جدران المنازل المهجورة والتي أذابتها فيما بعد مياه السدّ، لينقل النوبيون الى حلفا الجديدة، وهي منطقة بعيدة كل البعد، عما ألفوه من أشجار نخيل ونيل منساب
" شذى مصطفى - جريدة الشرق الأوسط "

عز على الست خديجة فراق البيت الذى تربت وعاشت فيه ايام عمرها .... فأصرت باكية على ان تكنس البيت وان تملآ الزير بالماء كما تعودت دائما
" إسراء أحمد "

شعور لا يوصف عندما أرتدى الجرجار وأنزع رداء المدينة عند ذهابى للبلد.
" وفاء فتحى " 

أطالب بعدم وضعنا ف شخصيه نمطيه مهما كانت هذه الشخصية اذا كانت بكار او غيره، فان النوبيين ما هم إلا مصريين لهم هوية وثقافة مختلفة وخاصة
" بسمة عثمان " 

تعالوا مع اخوالكم واهاليكم خشم القربة" قاطعه " ياخال احنا مصريين ومانطلعش من بلدنا ونروح نلجى فى بلد تانى" تحسر الخال" بلد تانى , بقينا اتنين خلاص يا حسن اشكيت وحلفا اقربلك ولا كوم امبوا بتاعك دى " صمت مفحما
" مقطع من (اوندى) قصة قصيرة لــ مازن علاء الدين "

ولم تتبقي أي مساحة للحديث عن البشر "الانسان النوبي" الذي اختفي او استبعد او تلاشي امام العملاقين "السد" و "المعبد".
" صقر عبد الصادق هلال " 

الحضارة ليست فى المعمار و العلم فقط و انما فى رقى الموروثات الاخلاقية والانسانية وهو ما تفتقده معظم الحضارات
"مروة زكى "

الناس كانت قاعدة علي المصاطب بعد المغرب في الهواء .... بقوا يوقفوني انت من ... بنت مين ؟؟ و انا جوايا ام التحقيقات بقي ... و ينتهي الحوار دايما انا عمتك يا بنتي و لاني غبية ...كنت باسأل ازاي و يشرحوا بقي ...خد عندك بقي نص ساعة شرح و بعدين بوس كتير بقي و تنده عيالها يسلموا
" فاطمة إمام " 

وأصبح الوطن هو المتغير و الأنسان هو الثابت . الوطن هو منّ رحل .. الوطن هو منّ غادرنا .. الوطن هو منّ مشى عنا وغاب ..
" مصطفى الشوربجى " 

النوبة بالنسبالنا هي حكايات عشنها وسمعناها وهموم تزخم بيها الحكايات دي بعد ما تتحكيلك تشارك اللي حكاها في حمل هذا الهم الى ان يموت الراوي فتصبح حاملا وحدك همومه وهمومك بل وهموم قوم ولغة وحدوتة كبيرة اوي سعادتك
" إسلام صالحين " 

دى كانت تغطية للتدوينات اللى اتنشرت فى يوم التدوين والزقزقة النوبية فى 18 /4 /2012













الاثنين، 16 أبريل 2012

فى نــعــى الــوطــن والــنهــر والنــــاس

جرت العادة ومن قديم الزمان على أن يتنقل الإنسان من مكان إلى مكان  . من مسقط رأسه لعالم اخر.  من موطنه إلى مواطن جديدة بحثاً عن الرزق وسبل العيش وأستكشاف العالم وعمارة الأرض .. فيرحل عن موطنه الأصلى لموطن أخر , فى هذه المعادلة يكون الأنسان هو المتغير والمكان هو الثابت بمعنى ان الانسان هو  من ينتقل ويرحل ويغادر والمكان باق سواء الوطن الراحل عنه أو الواطن الجاى ليهو .
إلا فى قصتنا هذه .. فقد إنكسرت تلك المعادلة وتبدلت أطرافها . وأصبح الوطن هو المتغير و الأنسان هو الثابت .
الوطن هو منّ رحل .. الوطن هو منّ غادرنا .. الوطن هو منّ مشى عنا وغاب ..
وأختلفت الأسباب وإن تشابهت . فالوطن ذهب ليس بحثاً عن رزق و سبل العيش ولكن لزيادة الرزق وتحسين سبل العيش .. هكذا قالوا لنا

الوطن والنهر
كان وطننا يعيش على ضفة جاره ورفيقه النهر عبر الآف الأعوام .. كانت تتراوح علاقتهما بين مد وجزر بين تقدم وانحسار كانت علاقة تشوبها المداعبة و تبادل المزاح , فى الصيف يبدأ النهر فى قضم جسد صاحبه ويأتى الشتاء ويأتى دور الوطن ويبدأ فى التغول ومحاصرة النهر .. وأستمرت العلاقة هكذا بين كر وفر صيفاً وشتاءاً فى تلك الايام الخوالى من أعمارهم المديدة .
حتى جاءت أيام خبيثة , وأصابت النهر شهوة عدوانية ونوبة جنون عاتية فأبتلع فى لحظة مشئومة من عمر الزمان جاره بالكامل و للأبد
لم يدرك النهر ماذا فعل طوفانه . فقط نظر حوله ولم يجد الوطن .  لم يجد الجار والرفيق . ثم تحسس أحشاءه فأدرك فعلته الجنونية ..
تحسس شواشى النخيل وهى تتخبط داخله  بفعل تياراته . تحسس البيوت و المصاطب والحقول وهى راقدة بداخله . سمع أصوات أصحابه وأحاديثهم و نمّاتهم وضحاكتهم فى ليالى الصيف الرطبة  يتردد صداها بين جوانحه . ثم كانت الصدمة الكبرى حين أدرك انه بات قبراً كبيراً جامعاً لقبور أحبائه ورواده الذين تبركوا به دوماً فى حزنهم وفرحهم . أصابته لوثة . انتفض النهر حزناً وجزعاً  وراودته اوهام العز القديم والجبروت الماضى وهب يقوم صائحاً فى هلع . أراد أن يصرخ وينعى رفيقه وأحباؤه  فأصطدم بجدار أسمنتى قبيح .. فتكسرت سواعده وصرخاته علي الجدار  .. وكانت هزيمته ..  وكان إدراكه أنه وكما قضى على رفيقه فإنها نهايته ايضاً فمضى بعد الجدار شائخاً منكسراً مهزوماً يجتر امجاد ماض تليد وفيض عارم وشباب طاغ .

الناس ..
 ويبدو أن  النداهة قد أختارتنا دون عن باقى البشر فبدأت بالنهر الذى قضى على الوطن فمات النهر وإن عاش و ذهب الوطن  ثم جاء دورنا
مضينا نحن أيضاً . فقدنا موطنّا ونهرنا . لم نختار الرحيل ولكن اختار الوطن أن يرحل وعندما تقرر الأوطان الرحيل فإنها ترحل وهى لا تعلم إنها تأخذنا معها . تأخذ أرواحنا وأصوتنا واحلامنا وذكرياتنا . فنبقى أجساد ... أجساد فقط بلا أرواح

تنشر بالتزامن مع دعوة التدوين والزقزقة التى أطلقها اتحاد شباب النوبة الديمقراطى فى يوم 18 إبريل 

الجمعة، 6 أبريل 2012

هذا الوطن أعترف به

  بسم الله الرحمن الرحيم
ومن آياته خلق السماوات والأرض وإختلاف ألسنتكم و ألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين 
              صدق الله العظيم    الروم (22)

معنى آياته أى من معجزاته , من علاماته .
هذه سنة الله فى خلقه والتى يوصفها عز وجل أنها من علامات وجوده  ومعجزات خلقه . وبئس من لم يوقر سنة الله فى خلقه , وبئس من لم يؤكد على سنة الله فى أرضه .فى إفتتاح البرلمان وأثناء اداء الأعضاء ليمين العضوية أقحم بعض الأعضاء عبارة " بما لا يخالف شرع الله "
وذلك للتأكيد على إلتزام هؤلاء بشرع الله وبضوابطه وأحكامه كما وردت فى الكتاب الكريم . هل سمع هؤلاء بهذه الأية الكريمة من سورة الروم , هل أحسنوا تفسيرها , هل سيعملوا بها كما أقسموا

                         
دستور مصر بعد ثورة يناير 2011 إن لم يكن على مستوى هذه الأية العظيمة المؤكدة على تعدد الأعراق واللغات والألوان والثقافات والأديان  فهو دستور يخالف شرع الله كما يفهمه بعض النواب الأسلامويين . وسيكون دستور يخالف كل المبادىء الدينية والأنسانية بشكل عام التى تؤكد على وجوب الأعتراف و إحترام الأختلاف النوعى والعرقى والإثنى بين البشر .

مصر ليست حكراً على دين واحد وعرق واحد و لون واحد ولغة واحدة و خصوصية ثقافية واحدة . مصر وطن عظيم ثرى بعرقيات وألوان ولغات مختلفة ويستحق دستورها المنتظر أن يتزين بتلك المبادىء العظيمة ويتحدث بوجودها وإختلافها و إحترامها والسعى لإحياءها و التباهى بها .
من فى مصر ليس لديه صديق او زميل عمل مسيحى الديانة
من فينا لم يلمس خصوصية ثقافية لأهالى المناطق الساحلية المصرية كالأسكندرية ومدن القناة , من فينا لم يلحظ الخصوصية الثقافية المميزة لأهالينا البدو شرقاً وغرباً فى سيناء ومطروح , من فينا لم يرى بوضوح خصوصية ثقافية مميزة لأهالينا فى الدلتا وأهالينا فى الصعيد .
من فى مصر لا يشعر بوجود خصوصية عرقية ولغوية و ثقافية تميز اهالينا الأمازيغ فى سيوة والنوبيين فى كل أنحاء الوطن . الأمازيغ والنوبيين خصوصاً ترى فيهم هذا التميز بوضوح فهم يرطنون بلغة أخرى غير العربية . العربية عندهم هى لسان فقط وتم تداولها حديثاً بمقاييس التاريخ  تبعاً لظروف إضطرارية ورضوخاً لتغيرات زمانية ومكانية . ولكنهم قطعاً ليسوا عرب ...
جيراننا على الضفة الأخرى من الأطلنطى فى أمريكا اللاتينية يتحدثون الاسبانية وقطعاً هم ليسوا أسبان ولن يكونوا .
و لا ارى عيباً او مانع للأعتراف بوجود لغات محلية مثل النوبية و الأمازيغية فى دستور مصر وليس عيباً التأكيد على وجوب إحيائها فى مناطقها والعمل على تدريسها طوعياً فى تلك المناطق من الوطن فهى تمثل تراث إنساني جدير بالدولة أن تكون الساعية إلى الحفاظ عليه وتوثيقه فهو ثراء للأمة وليس إضعافاً لها .. هو تأكيد على هويتها ونكهتها و تاريخها وليس دعوة لتفتيتها او تقسيمها .
الوطن هو انا النوبى وانتا البحرواى وانتى الصعيدية و أخواننا من الأمازيغ والبدو .. مشكلة كبيرة إن لم يستطع الوطن صياغة ما يشير لهذا ويؤكد عليه . ازمة حقيقة لو دستور الوطن لم يعبر عن الوطن كما يجب .. هو بالنسبة لى شخصياً دستور لا يعنينى ولا اعترف به
صورة المصرى النمطية والتى عناصرها هى رجل أبيض مسلم سنى يلبس بدلة ويسمع ام كلثوم هى تابوه واجب كسره الأن .. ليس لخطاً بها ولكن فقط هى غير مكتملة وغير معبرة عن عموم الشعب المصرى الذى فيه من هو إمرأة واسود ومسيحى وشيعى ويلبس جلباب بدوى ويسمع فكرى الكاشف
مصريجب أن تكون لوحة فنية متكاملة تتداخل فيها الألوان والأشكال والنكهات لتصنع لنا فى النهاية لوحة شديدة الإبهار لوطن قادر على إحتواء أعراق و أديان ولغات وهويات مختلفة ... وطن يجمعنا لا يوحدنا
يوجد فارق عظيم بين وطن يجمعنا كما نحن ... و وطن اخر يوحدنا فى قالب نمطى وضيق
وطنى هو مكان يحترمنى ويفخر بوجودى ويتباهى بى .. دستورى هو وثيقة تعترف بوجودى وتوصفنى وصفاً دقيقاً