الجمعة، 3 يناير 2014

وادى حلفا ( 1 - 3 )

                         وادى حــلــفــَـا ( 1 – 3 )

إذا تصفحت البرنامج الشهير (جوجل إيرث) و كانت وجهتك منطقة النوبة المصرية السودانية وتركز إستكشافك لمنقطة وادى حلفا القديمة ....
أو إذا مررت فى منطقة وسط المدينة فى الأسكندرية وتوقفت كثيراً أمام مقهى عتيق يحمل لافتة مهترئة بفعل الزمن تعلن عن أسم المقهى ( قهوة وادى حلفا ) فظللت تتحرى عن قصة الأسم وكيف أتى إلى هنا .. فيخبرك صاحب المقهى الصعيدى  إنه أشتراه منذ عقود وأصر على عدم تغيير الأسم ولكنه لا يعلم قصة هذه التسمية
يمكن صحابو من هناك ..... قالها بعدم إكتراث
او إذا شغلتك لافتة على طريق مصر إسكندرية الزراعى تحمل أسم قرية ( ميت حلفا ) وتسألت فى نفسك عن علاقة اسم قرية فى دلتا مصر بالمُسمى الأتى من 1600 كيلو متر او يزيد
أو إذا ظللت بأصرار غريب تخبر المقربين منك  أن نبيل الحلفاوى الفنان المصرى ربما تكون له جذور حلفاوية نوبية فتمت نسبته إليها حتى أصابهم الملل من تلك الحكاية المكررة دون أن تنتبه قليلاً أن معلومة مثل هذه قد لا تشغل بال الكثيرين ..
إذا ضبطت نفسك تفعل بعض مما سبق فأعلم إنك مضروب مثلى بهوى وادى حلفا .. ولما لا
وادى حلفا عروس  وادى النيل وفردوس نوبتنا الغريقة وحاضرة ممالكنا الغابرة .. هى عاصمة النوبة لا ريب
وادى حلفا رتب لها القدر موقعاً فريداً ,  أنتصفت  إقليم النوبة تماماً ,  يحدها من الشمال  مناطق الكنوز والعرب والفاديجا  فى مصر ومن الجنوب مناطق السكُوت والمحَس و دُنقلا فى السودان . واقعياً تركزت فى وادى حلفا الخدمات الحكومية المصرية زمناً والسودانية بعد حين مكتب البريد و المستشفى  والسوق الكبير و مصلحة السكك الحديدية و المحاكم و ملعب كرة القدم وميناء وادى حلفا النهرى و مطار وادى حلفا هى عناصر مكتملة لعاصمة تنبض بالحياة
مدينة نوبية عصرية فيها المطار والأحياء السكنية الراقية كالتوفيقية والعباسية  والميادين رائعة التخطيط والطرق الاسفلتية المعبدة النادرة فى ذلك الزمن
تقف جنباً بجنب بجوار حواضر ذلك الزمن الأسكندرية والقاهرة
بديهياً هى الخسارة الأعظم لنا كنوبيين فى قرن الخسائر والآلام .. القرن العشرين
ويأتى تأرجحها بين الإدارة المصرية والسودانية فيما يجعلك تتساءل هل حلفا مصرية أم سودانية وإن كنا لا نملك شكاً فى نوبيتها القُح  فهذه الحقيقة الأبرز والأوضح .. حلفا نوبية
 يأتى تأرجحها هذا بين الإدارتين ليمنحها وضعية خاصة جداً بين كل المدن المصرية والسودانية
لو اتيح لك الرجوع لأتفاقية الحكم الثنائى ( يناير 1899)  الموقعة بين حكومة صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا و وحكومة الخديوى عباس حلمى الثانى والى مصر والتى شطرت الجسد النوبى نصفين ووزعته  بين مصر ودولة السودان الوليدة تجد ان الإتفاقية أستبقت حلفا داخل الحدود المصرية - خط دائرة عرض 22 - ثم جاء ملحق الإتفاقية ( مارس 1898) ليستقطع وادى حلفا من مصر ويمنحها للسودان بالأضافة لعشر قرى تبدأ من فرص غرب وتنتهى فى حلفا دغيم بناء على خطاب قومندان حلفا لوزير الداخلية المصرى وقتها ....
 الونسة حول وادى حلفا لم تنته .. ونستكمل العدد القادم


ينشر بالتزامن مع النشر كمقال فى جريدة صوت النوبة