الجمعة، 4 أبريل 2014

خواطر ليلة الثأر فى اسوان إبريل 2014



ذنب النوبيين انهم مسالمين ..
أسوياء , أطهار النفوس , مازلوا بشر
لا تستيغ جموعهم العنف او الدم او القتل
ليسوا بدعاة حرب .. ليسوا بحاملى سلاح
وسط ناس سلاحهم قبل أى شىء
يبدو إن مصر تصر على إخراج أسوأ ما فينا
لن تستقيم مصر ولن تسعد
إلا وقد اجبرتنا على أن نبقى كباقى أهلها
إلا وقد أستبدلنا كل جميل بقبيحه
إلا وقد أظهرنا أسوأ صفاتنا 
إلا وقد خسرنا كل شىء
من أسف ومن ندم ..
أن تسخر كل جهود أهلى الأن نحو رد الثأر

نتهم دائماً بالتقوقع و غلق النوافذ وعدم الإنفتاح على الأخر 
وتلك حقيقة 
ولكننا ندرك أن الأخر ليس مثلنا 
وأن نقاءنا وفطرتنا وسلامنا سيدنسوا بشكل أو بأخر 
فى المؤسسة المسماة بالدولة 
تهبط تلك المخاوف إلى مستواها الأدنى 
وقتها نستطيع الخروج من عزلتنا والتعامل مع الأخر 
لأن تلك المؤسسات تقوم على الدساتير والقوانين 
التى تقدس الحريات وتحفظ الحقوق وتحمى الأرواح والممتلكات 
ولكن فى اللادولة كما نحيا الأن 
لا سبيل لنا سوى
التقوقع وغلق النوافذ وعدم الإنفتاح على الأخر
فليس لدينا ما يحمينا او يحفظ أرواحنا او يحمى ممتلكاتنا
او ...
نخسر فطرتنا ونقائنا وسلامنا ونتعامل بالمثل
ويصبغنا المجتمع المحيط بنا بقذارة صفاته ووسخ مبادئه
ونصبح كلنا فى الحضيض سواء
قد يقلل البعض من إصرارنا على العودة لارضنا القديمة 
يظنونه طمع فى الأرض لا أكثر 
يظنونه رغبة فى التميز عن باقى الشعب 
يظنونه ويظنونه .. 
فى الحقيقة اننا نسعى للخروج من أسر مجتمعكم 
والهروب مما رايناه من قيم ومبادىء واخلاقيات 
لا تتعجب ... فقد أذهلنا ما عايشناه ورأيناه 
فقد ظللنا داخل فقاعتنا فى نوبتنا القديمة 
نرى الوجود جميلاً 
نريد الهرب والنجاة والحفاظ على ما تبقى منا
ملحوظة ...
لا ندعى البراءة والطهر وميراث عظيم من الإنسانية 
لكنها سجلات وزارة الداخلية التى تدعى
لا حالات قتل
لا حالات سرقة
لا حيازات لأسلحة

من اجل مصر اكثر تنويباً


مشكلة النوبة , مطالب النوبيين , حق العودة ...
إلى  آخره من المصطلحات التى بدأت في الظهور من العام 2003 وحتى الآن، ففي منتصف الألفية الأولى 2003 , 2004 , 2005 كانت فترة تدشين الغضب المصري على كل المستويات سياسياً وإثنياً و مجتمعياً , ولو كانت بيننا وقتها زرقاء اليمامة لأخبرتنا أن ثورتكم فى يناير .

نعود للنوبة !!  ولست في موقع الحديث الإعتيادى عن معناها وتاريخها وناسها حيث تتكفل محركات البحث بتوفير خدمة أكبر عن مشاكلها الكبرى.
المثير للتساؤل أن  الكل يبدي تعاطفه وتفهمه و"انتوا ناس طيبة وعندكم أمانة  ..و..وبس على كده" .. لكن حاول أن تسأل أحد منهم عن ماهية المشكلة وأبعادها ثقافيا وقانونيا وإنسانياً بالضبط ،وأتحداك لو عرف احداً غير المتخصصون بحكم عملهم .
قضيتنا الكبرى أن الكل يتناول القضية على أنها شأن خاص بالنوبيين وحدهم وهم المنوط بهم التحدث فيها والترافع بشأنها . من أحلامنا كنشطاء نوبيين أن يتحدث الناس في بلدي عن مشكلة النوبة كما يتحدث أي نوبي عن مشكلة سيناء والبدو و البطالة والفساد والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية الإعتقاد
كم هو مؤلم أن تسمع في 2013 من أحدهم سؤال "هما النوبيين دول مصريين؟"
آه مصريين يا عمنا!!!
"أصلهم شبه السودانيين كده في كل حاجة "
ما حضرتك ما تعرفش إن النوبة للأسف تنقسم لجزءين .. نعم نصفنا الأخر بأقاربنا وأصهارنا يحملون جواز السفر السوداني.
اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني جلس في عصاري أحد الأيام  داخل قصره المطل على نيل القاهرة يحتسي الشاي الإنجليزي ويخط بيده خطاً يرسم فيه حدود مصر الجديدة بعد التقسيم ومرت يده كالسكين فوق قرية أدندان النوبية فقسمت القرية نصفين نصف ظل مصريا ونصف أصبح سودانيا ( حدث في 1899 مش بعيد أوي يعني) راجع إتفاقية الحكم الثنائي .
حقيقة بسيطة وحديثة زمنياً مثل هذه أتحدى أن يعرفها 5% فقط من المصريين
صدقونى القصة ليست مجرد ناس تبكي  بيوتها وأراضيها  اللي غرقت بسبب السد
الموضوع أعقد وأبسط  في ذات الحين.
أزمتنا إن محدش يعرف عننا حاجة.
السينما المصرية العظيمة في رأيي الشخصي والدراما المصرية بشكل عام تقريبا جسدت كل الملاحم والقصص والبطولات من أول بطولات العرب وشبه الجزيرة و عنتر وعبلة و الفلاح المصرdوعشقه لأرضه والصعيدي الجدع الشهم الكريم والسواحلي بخفة دمه و فهلوته .. سيبك من القاهرى.
وللأسف دراما وتيمة غنية جداً مثل عملية تهجير النوبيين لم يكن لها نصيب أو حظ في أن  تتجسد في فيلم أو مسلسل أو أي من أشكال الدراما  .. أستثني من ذلك مجهودات بعض أبطال السينما المستقلة التي مازالت تحاول , كما أذكر هنا الراحل المقيم يوسف شاهين ورائعته النيل والناس .
في فيلم النيل والناس كانت أول  وآخر مرة أرى فيها عملاً درامياً مصرياً تذكر فيه اسماء (توماس وبلانة ) .
وهى لمن لا يعرف أسماء لأشهر قرى النوبة.
ظلم بين لو حصرنا فكرة النوبة ومشكلتها في  أرض ستعود ومشكلة تنتهي .
ملمح آخر قد يوضح عمق الأزمة .. إنتشرت أخيراً إذاعات الأغاني على الإف إم وكلها أبدعت في وضع خرائط برامجية مبتكرة لها فتجد أنها خصصت فترات زمنية  لأغاني الشام و الخليج .. إلخ.وتعجب أنت ونتألم نحن من غياب الأغنية النوبية التام عن أثير تلك الإذاعات المصرية .
قد يقول أحدهم أن اللغة النوبية لا يفهمها إلا النوبيين ومعه كل الحق ولكني أعتقد أيضا أن كثير من المستمعين  قد لا يفهمون أغاني الراي على سبيل المثال التي تبث بانتظام على تلك الإذاعات .
واستثني أيضاً محاولات وجهود بعض الشبكات الإذاعية الشبابية على الإنترنت .
أحترم وبشدة ان تخصص قناة الحياة صاحبة نسب المشاهدة الكثيفة برنامج بحجم إنتاجي  عملاق للأغنية الشعبية تستضيف فيه أبرز نجوم الغناء الشعبى ولكن قد يوجد أيضاً ما يقرب من 4 مليون نوبي في اشتياق لسماع أغنية نوبية في السياق الرسمي وليس في المسارات الموازية التي نلجأ إليها نحن النوبيين مضطرين كى نجد ذائقتنا.
الحقوق القانونية مقدسة لاشك .. ولكن حقوق إنسانية بسيطة قد يكون لها عظيم الأثر.

مصطفى شوربجى
نـُـشر بموقع قـُـل بتاريخ 21/1/2014
لينك المقال من موقع قل