قابلتهم كثيراً وهم جالسين خلف الشاشات الباردة يتابعون أسهم حمراء هابطة واخرى خضراء صاعدة ..
وراقبتهم و هم يصيحوا فى فرحة إعلاناً عن ألوف من الجنيهات ستتحول تلقائياً لحساباتهم فى المصارف, سمعت احاديثهم عن شركة كذا اللى طلعت وشركة كذا اللى نزلت وعن ميعاد توزيع أرباح شركة كذا وعن كوبونات شركة كذا .... ثم نظرت حولى فلم أجد عملاً أو جهداً أو إنتاجاً ..
فقط شاشة باردة وامر شراء وامر بيع
وقابلت هؤلاء أيضاً كثيراً وهم مصطفّين , مهطعين , مقنعى روؤسهم , محنية ظهورهم من أثر الكد والعمل والعرق فى خدمة بلادهم ما يقرب من 30 عاما دفعوا خلالها أقساط شهرية من مرتباتهم الهزيلة للحكومة وأوكلوا إليها فرصة أستثمار أموالهم حتى ياتى هذا اليوم و يقفوا فى صف طويل فى عز شمس الظهيرة صيفا ومن الفجر فى عز برد الشتاء .. أمام موظفين سئموا منهم ومن خدمتهم ليحصلوا فى النهاية على وريقات قليلة بالكاد تكمل الثلاث مئات فى احسن الاحوال
الأحظهم وهم ينصرفون من امام الموظف ومعهم غنيمتهم ويبدوا و الرضا يغمر وجوههم .. تراهم وهم يطبقون علي غنيمتهم فى قوة وخوف
أعينهم تراها زائغة وهم منهمكين فى حساب مصاريف الاكل والشرب وقسط الجمعية و ايجار البيت واجرة الكشف وتمن الدوا والكام جنيه اللى بيتحطوا تحت المخدة للواد العطلان .. ثم ينظروا مرة اخرى للوريقات القليلة ثم يبتسموا فى حزن ثم تنعدم الحيلة فينصرفوا مهطعين مقنعى روؤسهم
وفى النهاية ...
تحتاج الحكومة الى 3 مليار جنيه ... فتنظر لأصحاب الشاشات فيحذروها من مغبة التفكير
فتتراجع سريعا لتنظر الى اصحاب المعاشات وتراهم فريسة ما اسهلها
عندئذ نتيقن نحن أننا نعيش على أرض الأغنياء بقانون الأغنياء الذى يحكمنا به الأغنياء
حيث لا مكان للفقراء
إقرا لتتأكد