"يطلق لفظ السودان على كل الاراضى الواقعة جنوب خط دائرة عرض 22 ".
وكان هذا أهم نصوص أتفاقية الحكم الثنائى المبرمة فى 19 يناير 1899 . وهذا الخط هو حد إعتباطى لم يتم إختياره على أى أسس أجتماعية أو ثقافية أو عرقية . فهو يشطر أرض النوبة الموحدة أجتماعياً وتاريخياً و إثنياً إلى شطرين , ينتمى كل نصف فيهم إلى قطر مختلف . ولو أخذت هذه الأعتبارات التاريخية والثقافية والإجتماعية لتم رسم هذا الخط عند الشلال الأول وانطوت إثره منطقة النوبة بأكملها داخل البنية السودانية , أو تم رسم الخط عند الشلال الرابع عند دنقلة وبذلك تقع النوبة كاملة غير مبتورة تحت العلم المصرى .
ولا أحد يعلم على وجه اليقين كيف ولماذا اختار كرومر خط دائرة عرض 22 لترسيم الحدود بين مصر والسودان المصرى كما كان يسمى وقتها . ولكن الذى حدث أن رغبة كرومر والتى لم تخطر على بال أحد قد تحققت . ومثير جدا ملاحظة كيف كان مجرد قرار قائد عسكرى انجليزى يؤثر فى حاضر ومستقبل أمة موحدة منذ مئات السنين
والإثارة لم تنتهى بعد ..
فى مارس 1899 وبعد توقيع أتفاقية التقسيم بشهرين فقط أرسلت وزارة الداخلية المصرية فى 26 مارس 1899 خطاب إلى " محافظة النوبة " الحدودية بشأن ترسيم حدود السودان .. جاء فيه .. " أطلعنا على خطابكم رقم 14 بتاريخ 14 مارس 1899 بناءاً على التماس قمندان وادى حلفا وتنفيذاً لأتفاقية المبرمة بين صاحبة الجلالة البريطانية ملكة إنجلترا والحكومة المصرية بشأن الحدود الفاصلة بين مصر والسودان , وذلك لتنفيذ بعض التعديلات على الإتفاقية وعليه تمت الموافقة على التنازل عن قرية فرص للسودان عدا 3 أفدنة وقيراطين و85 شجرة نخيل استبقيت داخل الحدود المصرية وضمن اراضى قرية ادندان النوبية , وذلك بالاضافة إلى5 قرى كاملة هى على الترتيب سرة شرق وغرب ودبيرة واشكيت وارقين .
وتتجلى هنا فصول المأساة بحق .. حيث كان بوسع موظف عمومى صغير فى معتمدية حلفا بجرة قلم فى طلب إلتماس أن يرسم مستقبل شعوب وان نتأرجح نحن الألاف النوبيين على سن قلمه بين بلدين , فيكون نصيب بعض منا جنسية مصرية ويحظى البعض الأخر بجنسية سودانية .. ما المعيارلا أعلم .. وأظنه هو ايضاً لا يعلم .
أعتقد أن الأن والسودان يشتعل بثورته الشعبية الثالثة خلال نصف قرن يجب علينا كمصريين إعادة النظر إلى حقيقة علاقتنا بالسودان . علاقتنا التى لم تشغل بال العديد من المثقفين والسياسين المصريين على مدار مائة عام واكثر .
لا اعتقد ان احدنا وقف وسأل نفسه ذات مرة اين تنتهى مصر واين يبدأ السودان ؟ كيف ولماذا ومتى أصبحنا بلدين ؟ و كيف ان كرومر كان بوسعه قبل يناير 1899 ان يضيف للمليون كم مربع او ينتقص منه ؟
لم يندهش احد انه منذ قرن أو يزيد كانت مصر غير مصرنا تلك .
نحن نوبيي مصر نعى تماماً تلك الإشكالية نعلمها كلنا ارداياً او لا إراديا . إرادياً وانا أكتب الأن تدوينتى تلك عن السودان ولا إرادياً حين يقف شاب نوبى فى العشريينيات من عمره فى وسط زفة نوبية فى فرح نوبى معتاد فى أحد شوارع القاهرة ليرقص بكل خيلاء على أنغام مزيكا السيرة السودانية .
فنحن وإن رُسمت على الخرائط خطوط وهمية تحدد من يصبح مصرى ومن يصير سودانى . إلا أننا لم ولن نستطيع فك الأشتباك فى دواخلنا ,ً ولن نستطيع يوماً أن نحدد مواقعنا بين جنسية مصرية وهوى سودانى , كيف ونحن جسد حى تم تمزيقه بين البلدين نصفنا يحظى بجنسية مصرية ونصفنا الأخر يحمل بطاقات الهوية السودانية . كيف وانا كنت فى يناير 1899 مصرى الجنسية واصبحت فى مارس من نفس العام سودانى الجنسية فقط لأننى كنت من أشكيت احد القرى التى اتنازلت عنها مصر للسودان .. كيف وأننا مازلنا نعيش حلم دولة مصرودان .
كيف ونحن عندما أردنا الأحتفال بفرحة إنطلاق ثورة 25 يناير لم نجد إلا طريقة تعبير سودانية وعلى أنغام مطربنا النوبى السودانى الراحل منذ شهور قليلة محمد وردى فنان أفريقيا الأول
الفنان فكرى الكاشف يغنى رائعة وردى اصبح الصبح
ونأتى للسؤال الذى أثار جدلاً الفترة الماضية
لماذا كان أهتمامنا كنوبيين بثورة السودان ؟
وتعليقى الوحيد أننا لو أعدنا قراة تاريخنا مرة أخرى بشكل صحيح وفقط تذكرنا ماذا كنا قبل مائة عام وبضع سنين أعتقد ان بنية السؤال ستتبدل وتصبح ..
لماذا أهملنا كمصريين ثورة السودان هكذا ؟
يكفى فقط أن نطالع لافتات حملها ابناء الجنوب المنفصل والدولة الوليدة فى الوققفة التى تم تنظيمها أمام السفارة السودانية بالقاهرة وحملت بضعة كلمات " حلمنا .. سودان موحد بدون بشير "
هل نعى ما وراء هذه اللافتة .. هل ندرك ما ينتظرنا لو أعدنا قراءة خريطة ما قبل يناير 1899
أعلم أن كل شخص له مطلق الحرية فى تحديد أولوياته وأهتمامته ولكن وان أغضضنا الطرف عن أهمال بعضنا لثورة تقدمية بحق على بعد خطوات منّا ثورة تنتفض ضد حكم وتحالف إسلامى عسكرى فليس من اللائق ابداً أن نـُلام كنوبيين على أهتمامنا بثورة كان من الممكن جداً لو لعبت الخمر قليلاً برأس اللورد كرومر أن نكون أحد طلائعها أو شهدائها .
المجد للثورة وللشهداء فى كل مكان
من حى الجمرك شمالاً لحى الديم جنوباً
أعتقد أن الأن والسودان يشتعل بثورته الشعبية الثالثة خلال نصف قرن يجب علينا كمصريين إعادة النظر إلى حقيقة علاقتنا بالسودان . علاقتنا التى لم تشغل بال العديد من المثقفين والسياسين المصريين على مدار مائة عام واكثر .
لا اعتقد ان احدنا وقف وسأل نفسه ذات مرة اين تنتهى مصر واين يبدأ السودان ؟ كيف ولماذا ومتى أصبحنا بلدين ؟ و كيف ان كرومر كان بوسعه قبل يناير 1899 ان يضيف للمليون كم مربع او ينتقص منه ؟
لم يندهش احد انه منذ قرن أو يزيد كانت مصر غير مصرنا تلك .
نحن نوبيي مصر نعى تماماً تلك الإشكالية نعلمها كلنا ارداياً او لا إراديا . إرادياً وانا أكتب الأن تدوينتى تلك عن السودان ولا إرادياً حين يقف شاب نوبى فى العشريينيات من عمره فى وسط زفة نوبية فى فرح نوبى معتاد فى أحد شوارع القاهرة ليرقص بكل خيلاء على أنغام مزيكا السيرة السودانية .
فنحن وإن رُسمت على الخرائط خطوط وهمية تحدد من يصبح مصرى ومن يصير سودانى . إلا أننا لم ولن نستطيع فك الأشتباك فى دواخلنا ,ً ولن نستطيع يوماً أن نحدد مواقعنا بين جنسية مصرية وهوى سودانى , كيف ونحن جسد حى تم تمزيقه بين البلدين نصفنا يحظى بجنسية مصرية ونصفنا الأخر يحمل بطاقات الهوية السودانية . كيف وانا كنت فى يناير 1899 مصرى الجنسية واصبحت فى مارس من نفس العام سودانى الجنسية فقط لأننى كنت من أشكيت احد القرى التى اتنازلت عنها مصر للسودان .. كيف وأننا مازلنا نعيش حلم دولة مصرودان .
كيف ونحن عندما أردنا الأحتفال بفرحة إنطلاق ثورة 25 يناير لم نجد إلا طريقة تعبير سودانية وعلى أنغام مطربنا النوبى السودانى الراحل منذ شهور قليلة محمد وردى فنان أفريقيا الأول
ونأتى للسؤال الذى أثار جدلاً الفترة الماضية
لماذا كان أهتمامنا كنوبيين بثورة السودان ؟
وتعليقى الوحيد أننا لو أعدنا قراة تاريخنا مرة أخرى بشكل صحيح وفقط تذكرنا ماذا كنا قبل مائة عام وبضع سنين أعتقد ان بنية السؤال ستتبدل وتصبح ..
لماذا أهملنا كمصريين ثورة السودان هكذا ؟
يكفى فقط أن نطالع لافتات حملها ابناء الجنوب المنفصل والدولة الوليدة فى الوققفة التى تم تنظيمها أمام السفارة السودانية بالقاهرة وحملت بضعة كلمات " حلمنا .. سودان موحد بدون بشير "
هل نعى ما وراء هذه اللافتة .. هل ندرك ما ينتظرنا لو أعدنا قراءة خريطة ما قبل يناير 1899
أعلم أن كل شخص له مطلق الحرية فى تحديد أولوياته وأهتمامته ولكن وان أغضضنا الطرف عن أهمال بعضنا لثورة تقدمية بحق على بعد خطوات منّا ثورة تنتفض ضد حكم وتحالف إسلامى عسكرى فليس من اللائق ابداً أن نـُلام كنوبيين على أهتمامنا بثورة كان من الممكن جداً لو لعبت الخمر قليلاً برأس اللورد كرومر أن نكون أحد طلائعها أو شهدائها .
المجد للثورة وللشهداء فى كل مكان
من حى الجمرك شمالاً لحى الديم جنوباً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر : كتاب هجرة النوبيين تأليف حسن دفع الله معتمد وادى حلفا والمسئول عن عملية تهجير اهالى وادى حلفا بعد بناء السد العالى وغرق المدينة تحت مياه بحيرة النوبة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق