فوق مكتب عتيق وفخيم كان جالسآ فى هدوء يمارس مهام منصبه النادر والمتفرد من على كرسى هو قبلة الناظرين , و فوجىء بشعور الرغبة فى أن يفتح عينيه ..... وفتح عينيه لأول وهلة , وسرعان ما أسترجع مشاهد تركها منذ ثوان المكتب , الحجرة الفخمة , الكرسى الوثير مشاهد شكّلت حلمآ جميلآ ولكنه بقى حلمآ امتلك فيه الكثير مالآ , نفوذآ , سلطان و شهرة امتدت فى الأفاق منتهيآ إلى اخر ملامح حلم جميل عاشه للحظات عائدآ ثانية إلى مكان لم يبرحه حيث كان يرقد هذا الرجل الذى يغادر بسنوات عمره العقد الستينى مقتحمآ حقبة سبعينية يبدو أن عنوانها كلمة من خمس حروف .... الحلم
وحيث كان راقدآ فتح عينيه لثانى وهلة لينكشف الحجاب امام عينيه ويتجاوز مرحلة الصحو الاولى ,, الذ ما فى الحياة تلك المرحلة التى نرى فيها ببصيرتنا كل شىء فنشاهد الحقيقة ونرى العجب وتبدو كل الأمور على صحتها وحقيقتها .. حيث تدق العقول نداءات العبقرية و تسمع الاذان همسات النفوس فى صفوها ساعتها يبدو الألهام والوحى حاضرآ بقوة ملقنآ و مشيرآ ومنبهآ
وتجاوز تلك المرحلة السحرية فى حياة كل منا وفتح عينيه لثالث وهلة ليسقط كل خيال جميل ويرى الواقع مطلآ بكل ظلامته رغم الضوء النهارى الخافت و بدأ الادراك يتسلل إليه ويعى حقيقة ما هو فيه .... مكان قذر للغاية .. فراش قديم معطنة رائحته , اجواء تتسابق فيها كل أسباب ومسببات كل مرض وعلة , دار بعينيه فى انحاء الغرفة الضيقة جدآ متفحصآ جدران قبيحة تضيف ظلامآ على ظلام يلف المكان
و تتوالى الحواس فى بدء نشاطها واعلنت حاسة السمع عن وصولها متاخرة بعض الشىء عن النظر والأدراك معلنة عن ضجيج لا مثيل له , أصوات بشرية زاعقة متداخلة حيث فى عز الكلام لا كلام ويصبح فى هذا الضجيج كل الكلام وكأنه صوت الصمت و انين السكوت
ما هذا ... أين أنا ... ومن هؤلاء
اعتدل من رقدته جالسآ موجهآ تلك الاسئلة إلى نفسه قبل ان يصطدم بأجساد الاطفال والرجال والنساء تحوطه من كل جانب مشكّلة مئات من البشر معجنة اجسادهم فى التصاق شديد حيث لا حركة فى مخبأ مساحته لا تتجاوز مترين فى ثلاثة أمتار
حيث تترسم المأساة شيئآ فشيئآ حين يكتشفهم يعيشون و يأكلون ويشربون وينامون ,,, ممارسين كل مظاهر الحياة القريبة من اللاحياة وذلك منذ فترة من الزمن لا يعلمون مقدارها ولم يبادروا بالسؤال حتى منذ متى ونحن نعانى من هذا العذاب ...
أين نحن وما هذا المكان القذر الذى يضمنا نظر لمحدثه موجهآ لأسئلة تبدو ترفيهية و من الكماليات , فأتاه الرد فى صورة إبتسامة غاية فى البلاهة على شفاه متدلية فى وهن ونظرات زائغة مشكّلة فى النهاية صورة وجه رجل خمسينى العمر رث الثياب والشكل والعقل والروح , وكانت تلك الأبتسامة رسالة وأجابة فهم منها ... عما تسأل بالضبط ,, ولما كل تلك الدهشة والفزع على وجهك ؟؟
"وجاء النطق متاخرآ بعض الشىء ... "أيييييه مالك شكلك مفزوع كده ليه ؟؟ وماله المكان بتسأل عليه ليه ؟؟ و انت مين أصلآ ؟؟
رد فى لهفة ممزوجة بالحدة الا ترى كل هؤلاء البشر الملتحمون المتعجنة اجسادهم فى تلك الغرفة الضيقة القذرة
أستدرك الرجل فى حسم ... " أيه المشكلة يعنى ,,, أيه اللى يضايق فى كده .. ناس وعايشة " و أكمل فى إستنكار بالغ "انتا عاوزهم يعملوا ايه يعنى " ؟؟؟
لم ينتظره حتى ينتهى من اجابته و أستطرد .. لماذا لا يخرجون من هذا المكان , لماذا العيش هنا والبقاء هكذا , وتنتهى كلمات الرجل العجوز ليرى ثمة لمعان فى عين محدثه أشعث الشعر وينطق لسانه " لا يخرجون !! .... اماكن اخرى !! انتا تقصد تقول أيه ؟؟؟ هو ده ممكن يحصل يعنى "
واجاب الرجل الذى ينضح ذهولآ بكل ما فيه ... نعم ممكن ,, ألا يوجد لتلك الغرفة باب ؟؟؟؟؟؟؟؟
ويواصل الرجل الخمسينى رحلة دهشة بدأها مستكملآ حديثآ تشوبه بعض الرهبة ... "أيوة فى باب هناك اهوه وأشار بيده ناحية باب فى اخر الغرفة مستدركآ " بس برضه مش فاهم ايه علاقة الباب بالموضوع ده "
فى تلك اللحظة أنتفض العجوز واقفآ ومهرولآ ناحية ذراع الرجل وأندفع مخترقأ الاجساد فى صعوبة بالغة نحو الباب الذى وللمفارقة اكثر اماكن الغرفة هدوءآ و فراغآ .... حيث لا أحد تقريبآ يقف فى تلك النقطة من الغرفة القذرة القبيحة
فحص الباب و وجده مغلقآ بأحكام ,, حاول معه ولكن بلا جدوى
نظر موجهآ كلامه وسط مئات الالسنة اللاهية فى توافه الكلام .... ألا تريدون الخروج من هنا ؟؟؟؟
لم يسمعه احد و لم ينظر له احد .... أساسآ لم يره احد
وبدأت نبرة صوته فى الأرتفاع .. ألا تريدون الخروج .... ألا تريدون الخروج ... ألا تريدون الخروج
وفى اخر مرة كان النداء يخرج من أقدامه حاشدآ كل قوة فى جسده وكل قدرات أحباله الصوتية
ليخرج زاعقآ صارخآ .... ألا تريدون الخروج ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لحظتها بدأت الألسنة فى التوقف تدريجيآ وأنتظر بضع ثوان لينتهى اخر لسان من ثرثرته ويسود الصمت قليلآ وتبدأ العيون فى التوجه إليه موشية بأجابة فهمها وكانت .. نعم اكيد نريد الخروج
فواصل كلامه فى حماسة وقوة .. إذا أستطعنا فتح هذا الباب تنتهى المشكلة ونخرج جميعآ
و بدأت تخرج من بين الجموع أصوات فردية كان اولها ....
" وانتا يعنى اللى هتفتح الباب هههههههههههههه بامارة أيه طيب " ...
و اكمل صوت أخر " وأنت مين طيب ... ده لازم حد معين هو اللى يجيى يفتحه , حد كده يكون جامد وقوى ويقدر يفتحه , مش اى حد يجيى يقول ممكن يفتح الباب ..... !! ثم انتا مردتش علينا انتا مين أصلآ ,,, وأيه علاقتك بالموضوع ده ... ده انتا يعنى ولا شبهنا ولا احنا شكلك .... ومش باين عليك انك فقير على اد حالك زينا كده !!! ثم انتا شكلك غنى اوى .. انتا جبت فلوسك دى منين ,, مش يمكن تكون حرامى وسرقت الفلوس دى ولا عملتلك عملة و جاى قاعد تتدارى وسطينا .... ثم بعد كل ده ... هو اى حد كده تطق فى دماغه فكرة يجيى يصدعنا بيها " !!!!؟؟؟؟؟
لم ينتبه الرجل العجوز لذلك الحديث و اكمل .. نستطيع إذا وقفنا كلنا وقمنا بدفع الباب ان نفتحه بسهولة ...
وبدأت الالسنة مرة اخرى رحلة الكلام وتستمر المحادثة ....
" وانتا يعنى اللى هتفتح الباب هههههههههههههه بامارة أيه طيب " ...
و اكمل صوت أخر " وأنت مين طيب ... ده لازم حد معين هو اللى يجيى يفتحه , حد كده يكون جامد وقوى ويقدر يفتحه , مش اى حد يجيى يقول ممكن يفتح الباب ..... !! ثم انتا مردتش علينا انتا مين أصلآ ,,, وأيه علاقتك بالموضوع ده ... ده انتا يعنى ولا شبهنا ولا احنا شكلك .... ومش باين عليك انك فقير على اد حالك زينا كده !!! ثم انتا شكلك غنى اوى .. انتا جبت فلوسك دى منين ,, مش يمكن تكون حرامى وسرقت الفلوس دى ولا عملتلك عملة جاى قاعد وسطينا .... ثم بعد كل ده ... هو اى حد كده تطق فى دماغه فكرة يجيى يصدعنا بيها
لم ينتبه الرجل العجوز لذلك الحديث و اكمل .. نستطيع إذا وقفنا كلنا وقمنا بدفع الباب ان نفتحه بسهولة ...
وبدأت الالسنة مرة اخرى رحلة الكلام وتستمر المحادثة ....
" وانتا يعنى اللى هتفتح الباب هههههههههههههه بامارة أيه طيب " ...
و اكمل صوت أخر " وأنت مين طيب ... ده لازم حد معين هو اللى يجيى يفتحه , حد كده يكون جامد وقوى ويقدر يفتحه , مش اى حد يجيى يقول ممكن يفتح الباب ..... !! ثم انتا مردتش علينا انتا مين أصلآ ,,, وأيه علاقتك بالموضوع ده ... ده انتا يعنى ولا شبهنا ولا احنا شكلك .... ومش باين عليك انك فقير على اد حالك زينا كده !!! ثم انتا شكلك غنى اوى .. انتا جبت فلوسك دى منين ,, مش يمكن تكون حرامى وسرقت الفلوس دى ولا عملتلك عملة جاى قاعد وسطينا .... ثم بعد كل ده ... هو اى حد كده تطق فى دماغه فكرة يجيى يصدعنا بيها
الخ .. الخ ... الخ .. الخ .. الخ .. الخ
ملحوظة ... جاءت تلك الفكرة فى
تلك المرحلة التى نرى فيها ببصيرتنا كل شىء فنشاهد الحقيقة ونرى العجب وتبدو كل الأمور على صحتها وحقيقتها .. حيث تدق العقول نداءات العبقرية وتسمع الأذان همسات النفوس فى صفوها ساعتها يبدو الألهام والوحى حاضرآ بقوة ملقنآ و مشيرآ ومنبهآ
مصطفى الشوربجى
القاهرة فى 17/12/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق