الاثنين، 27 أغسطس 2012

سيدة عدن الأولى

بعد ايه جيت تصالحنى .. *
 بعد ما ودرت قلبى ال كنت فيه
جيت تشكى جيت تحكي
جيت تحكي ليه
اعتذارك ما بيفيدك
ودموعك ما بتعيدك
 ال عملتو كان بإيدك
انا مالى ذنب فيه
ليه جيت تبكى ليه جيت تشكى
انا خلدتك بشعري فى زمانك
 وياما غنيت وكان كله عشانك
 وكان جزائى منك صدودك وهوانك
 انا استاهل .. انا استاهل
وضعتك فى مكان ما مكانك
روح الٌقدر بى نفسو ما بقسو عليك
جيت تايب يا حليلك والفؤاد ملكوه غيرك
ربى يعدل ليك سبيلك كل
مناى فى الكون عديلك
ونهاية الخير نصيبك
ليه
ضيعوك
ودروك
انت ما بتعرف
صليحك من عدوك
استغلو الطيبة فى قلبك
وبى اسم العواطف خدعوك
 حتى من كلمة حنانهم وودادهم حرموك
 الله ياخد ليك حقوقك ويجازي الظلموك
......................................................



إنتهت قصتهما نفس النهاية الكلاسيكية الحزينة  التى انتهت بها قصص كثيرة مشابهة قصة حب افلاطونية شاب حالم , فتاة ذات عيون لامعة دوماً , حب بلا حدود , احلام لامست السماء . ثم واقع مؤلم وفراق حتمى وما يصاحبه من آلامٌ الهجران ووجع القلوب المحطمة وشظايا الانفس المكسورة  وتبقى دوماً فى الخلفية اغانى البعد والعتاب تلعب دورها فى كموسيقى تصويرية لقصص الحب الحزينة ..
 فى تلك الفترة كانت أغنية بعد أيه تيمة العشاق المهجورين ولسان حال كل محب ذاق على يد محبوبه كؤوس العذاب ..
بكلماتها الموجعة والعذبة فى آن واحد وموسيقاها الجديدة المتألقة واداء وردى الدافىء كالعادة تربعت بعد ايه على عرش الأغنية فى اوائل الثمانينات كما انها  شكلت وعبرت عن مآسى هذا الجيل العاطفية بشكل غير مسبوق ..
كان شريط الكاسيت لا يتحرك من محطة بعد ايه .. فتاتنا لا تمل سماعها فى ليالى الشتاء الباردة .. ومقطع " اعتذارك ما بيفيدك ودموعك ما بتعيدك .. ال عملتوا كان بأيدك " يعاد الالآف المرات وكأنه الدواء .. وكأنه الوصفة السحرية لشحذ النفس على الصبر وتبرئتها ونفى مسئوليتها عن كل ما حدث . وأيضاً لأعادة توجيه الطعنة لصدر صاحبها  
 لملمت فتاتنا احزانها وطوت صفحة شجية وحزينة من صفحاتها وقبلت الزواج من اول رجل طرق أبوابها .. يكبرها بأثنتى عشر عاماً تقريباً , زواج عائلى تقليدى من احد اصدقاء شقيقها الأكبر  وسافرت معه حيث يعمل فى اليمن معلماً لمادة الفيزياء لطلاب الصف الثانوى ..
صبرى رجل طيب .. هكذا كانت تواسى نفسها دائماً  وشيئا فشيئاً بدأت الأعتياد على حياتها الجديدة التقليدية وفى أحد مشاويرها اليومية بعد شراء بعض اغراضها لمحت اثناء عودتها لمنزلها فى صدر الميدان الكبير فى عدن عاصمة اليمن الجنوبى اعلان ضخم لمحمد وردى واقفا بقامته المهيبة وابتسامته الساحرة وتحت الصورة جملة الخميس القادم الحفل الساهر الكبير بمناسبة العيد العشرون الثورة اكتوبر 1964 يحيه المطرب الكبير محمد وردى
 لم ينس صاحب الإعلان ان يذكر بحروف مضيئة هذه الجملة ..
 "صاحب رائعة بعد ايه التى حطمت مبيعات الكاسيت" .
وكأنه يهمس بجملته تلك لصاحبتنا التى تسمرت للحظات امام الاعلان الضخم وراحت فى ثنايا ذكريات قصتها الموجعة .
بذلت جهداً يذكر فى سبيل اقناع صبرى بحتمية الذهاب للحفل .. وضرورة التعجل قبل نفاد التذاكر .. وسريعا اقتنع صبرى فهو يحب زوجته جداً ويتمنى لو استطاع ان يوفر لها كل شىء  كما ان وردى ايضاً مطربه المفضل وساعده هذا فى تجاهل سعر التذاكر المغالى فيه بعض الشىء .
 وجاء يوم الحفل وارتدت صاحبتنا أحلى ما عندها وتزينت كما لو كان يوم عُرسها . لما لا ؟؟
وردى بشحمه ولحمه  وبعد ايه , وخزينة ذكريات عتيقة وثرية ..
مخرج الحفل كأنه يعلم ..كانت تدور كاميراته وتعود لتستقر عندها .. رصد كل آناتها وايماءتها ونظراتها .. هل كان يعلم قصتها هو ايضاً ؟؟ اشك
 ركزت كل حواسها وانصرفت عن الدنيا وهى تسمع بعد ايه للمرة الاولى وجها لوجه من وردى .. ولما وصل لمقطع ضيعوك ودروك .. لم تتحمل .
انطلقت زغروتتها السوادنية الحزينة وكأنها تنعى قلبها وحكايتها وقصتها .. وفلتت منها دمعة سالت وجرت على خديها وتركت وراءها البريق فى عيون حزينة .
                                      
                                                  ضــيــعــوك
انتهت بعد ايه وجاء دور أحد اشهر غزليات العشق السودانى .. الجمر بوبة
 وأعتاد وردى عند غنائه الجمر بوبة ان يحير معه جمهوره .. وذلك عند مقطع البرتقال نهدك مدردم .. فاحيان كثيرة يسكت واحيان اخرى يرددها .. فى تلك المرة صاحبتنا انصتت بتركيز شديد .. ورددها وردى ..
وارتسمت البسمة على شفاتها فى سعادة ورددتها وراءه فى غنج وكأنها تكمل له .. نهدك مدردم .
كانت صاحبتنا فى ازهى لحظات تألقها وخرجت من حفلها تلك الليلة وهى سيدة عدن الأولى 

                                                       البرتقال نهدك مدردم 

مرت على لقطة صاحبتنا هذه اعوام كثيرة تتجاوز العشرين ..
لا نعلم يقيناً هل مازلت فى يمنها مع صبرى , ام عادت لــ سودانها ..
لا نعلم يقيناً هل انجبت من صبرى اما لا ..
لا نعلم يقيناً هل مازلت صاحبتنا بيننا ام ذهبت مع الذاهبين ..
 فقط كانت تلك قصتها  ... لما ظهرت فى مشهد من الحياة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*بعد ايه
اغنية شهيرة للفنان النوبى السودانى فنان افريقيا الاول محمد وردى .. كتبها الشاعر اسماعيل حسن ولحنها وغناها محمد وردى .. ومثلت فى وقتها نقلة فى مستوى الاغنية واللحن فى الفن السودانى وامتازت بالمقدمة الموسيقية الطويلة الجديدة وقتها والتى وضعها وردى بموهبة عالية 

هناك 4 تعليقات:

  1. و اخيرا قرأت سيدة عدن ، انها تتسيد لان ما بها علي علي السطح في حين لا يظهر الاخرين الا النشوي الوقتية المتأثرة بروعة الزمن. عادة ما تقول الاغاني ما اخرسنا الزمن و عجزنا عن النطق به و تأرشف ذكرياتنا و تستعيدها في لحظات قليلة يجود بها الزمن علينا ، لهذا تغنجت و تدللت و جذبت انظار كل من حولها ....

    ردحذف
  2. ردك بيضيف للنص المكتوب وزن وأهمية وإعتبار
    شكراً يا فاطمة :)

    ردحذف