الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

فى اسطنبول كانت لنا أيام ... 1


تحتار كثيراً عندما تبدأ فى الحكى عن أسطنبول , اسطنبول التى تبهرك بوجهها الحداثى والحضارى وفى نفس الوقت التى تحمل حزن انهيار أمبراطورية سادت العالم فترة من الزمن ليست بالقصيرة . تحتار هل تحكى عن اسطنبول التى تحمل على ظهرها تاريخ التاريخ منذ العهد البيزنطى عندما كانت  "القسطنطينية "عاصمة الأمبراطورية البيزنطية  أم رحلتها مع الفتح العثمانى وتحولها إلى إسلام بول ثم الأستانة ثم اسطنبول  فى عز ايام الخلافة الاسلامية , إن شوارع اسطنبول المرصوفة بالحجارة تستنشق فيها بوضوح نسمات عبق تاريخ فتوحات ومعارك وغزوات وحصار  وهزائم جيوش وانصارات وسيطرة ونفوذ لا حد لها .
ام تنتقل إلى اسطنبول المدينة السياحية الأشهر بخليجها الرائع وتلالها الشهيرة وشواطئها الكثيرة المختلفة الطعم واللون .
تحتار ... هل تحكى عن اسطنبول مدينة التسوق النموذجية الأشهر بمراكزها التجارية الضخمة و تزاحم اشهر العلامات التجارية فى ميادينها وشوارعها . أم تحكى عن اسطنبول ذات المطبخ الخرافى أعتقد ان تذوق الأكل التركى فقط هو سبب وجيه جداً لزيارة تركيا

كل ما سبق يرسم لوحة شديدة الأبهار لبلد أسمه تركيا يقدم خلاصة تجربته وايداعه فى برواز أنيق ورائع أسمه اسطنبول .

 الأسطنبوليين وهو مصطلح مشهور فى تركيا ويطلق على أهل اسطنبول الذين نتحدر غالبيتهم من نخبة العائلات العثمانية العريقة  وحاشيتهم  التى عاشت فى ظل الأمبراطورية القوية . اسطنبول تعنى لهم الماء بالنسبة للسمك لا يستطيعون ولا يرغبون فى العيش خارجها ...
سائق الأتوبيس السياحى الفاخر الذى أقلنا فى رحلة مغادرتنا من الفندق للمطار قال لى ببساطة "هنا فى اسطنبول "عندما سألته اى بلد تتمنى ان تعيش فيه .. باريس ؟؟ لندن ؟؟ امريكا ؟؟ استراليا ؟؟ . قالها وهو قانع جدا و مطمئن جدا
لا اعرف كم مصرى سنسأله نفس السؤال ويرد بنفس الاجابة .. !!

يقول اهل اسطنبول عن مدينتهم .. أنه لو كانت للدنيا عاصمة واحدة لكانت اسطنبول . هم شديدى الفخر بمدينتهم . هى فعلا تملك مقومات عاصمة العالم من حيث موقعها الجغرافى فهى مدينة يخترقها خليج البوسفور الواصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة  ويقسمها هذا الخليج إلى جزءين اسطنبول الأسيوية واسطنبول الأوربية واسطنبول الأوربية ايضاَ يقسمها خليج القرن الذهبى إلى اسطنبول الأوربية القديمة واسطنبول الأوربية الحديثة ويعيش فيها حوالى 12 مليون تركى وكما ذكرت هم شديدى الفخر بمدينتهم و لغتهم أيضاً , الأتراك فى الغالبية لا يتحدثون ولا يرغبون فى التحدث بأى لغة غير التركية .. يوجد القليل يفهم ويتحدث العربية ولكنه لا يستخدمها وكذلك الأنجليزية .. غير متداولة كثيراً هناك . هم لا يفخرون بلغتهم ومدينتهم فقط .. هناك فى تركيا أمرين يصلا لمرتبة القداسة .. علم الجمهورية و مصطفى كمال اتاتورك . بسهولة جداً تكتشف وانتا تتحرك فى اسطنبول قيمة ومكانة العلم فى نفوس الأتراك . تراه على كل الشرفات وتراه على واجهات المساجد والشركات والبنوك تراه معلق على السيارات العامة والخاصة , تراه مزهوا نظيفاً لامعاً براقاً , الاهتمام بالعلم التركى يفوق الوصف والتعبير
ومصطفى كمال اتاتورك ايضا من المقدسات .. صورته لن تغيب عن عينيك مهما حاولت وتعمدت الهروب .. انها تلاحقك فى الميادين والشوارع وعلى المبانى وعلى جوانب الكبارى . هم يقدسونه فعلاً وينسبون الفضل إليه فى كل ما وصلوا إليه الأن , الأساءة بالقول لمصطفى كمال اتاتورك هى فعل مُجرّم فى القانون التركى يعاقب مرتكبه بالحبس  و سرير اتاتورك  الذى مات عليه وغرفه نومه التى مازالت بحالتها فى قصر دولمة باهتشاه على ضفاف البوسفور تحولوا لمزار سياحى شهير جدا فى اسطنبول ولا ينال ذلك من فخرهم الشديد ايضاً بامبراطوريتهم العثمانية وعهد الخلافة حيث يتطوع اى تركى بالقول " انا عثمانلى " عندما تسأله عن رايه فى عهد الخلافة الأسلامية والدولة العثمانية عموماً .. ولكنهم يرغبوا فى الأثنين عصر الدولة المزدهرة والخلافة العثمانية والتى تضم إلى جوارها العديد من الدول  (نفس السائق عندما ذكرت له أنى من مصر اجاب فرحاً مصر اختنا الصغيرة وتابعة لنا !! ) وأيضاً الجمهورية الجديدة  وماصاحبها من تغريب أقسى وافدح مما تم فى عصور تركيا السابقة والتى خلصتهم من كل أثام ومفاسد السلطنة فى اخر ايامها

بمناسبة قصر دولمة باهتشاه ( الحديقة المحشية )... هو احد عجائب الدنيا فى رأيى .. قصر باذخ الترف والفخامة والثراء والإبهار تدخله شخص وتخرج شخص اخر من كم ما رأيت من أبداعات واساطير داخل القصر الفخيم . القصر بناه السلطان عبد المجيد الأول وكان بناءه نذير بأفول الامبراطورية حيث تكلف ما يعادل 35 طنِ من الذهب. وأستخدمت أربعة عشر طناً من الذهب ضمن بناء القصر لتذهيب سقوف القصرِ وذلك فى عز ازمة الامبراطورية وانتشار الفقر و الجوع فى ربوعها حيث حذره وزرائه انه ستقوم ثورة جياع فى البلاد حيال قيامه بالعيش فى قصر مثل هذا .. وفعلا لم يسكنه أبداً حيث أنهارت الأمبراطورية فعلاً ليدخله مصطفى كمال اتاتورك ويحكم تركيا من خلاله إلى ان توفى فيه ويقال أن ساعة غرفة نومه كانت تشير للتاسعة وخمس دقائق صباحاُ وقت وفاته وحزناً عليه لم يتحرك عقرب الساعة إلى اليوم من ساعتها ... رأيت هذه الساعة المبهرة


قصر دولمة باهتشاه
اسطنبول عاصمة تركيا الثقافية والتجارية والسياحية . اما أنقرة فهى العاصمة السياسية ويوجد بها البرلمان ومقر رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية ومعظم الوزارات والسفارات بطبيعة الحال .. اختيار أنقرة يرجع لمصطفى كمال اتاتورك حيث رأى انه من الخطورة اختيار عاصمة تقع على طرف البلاد وتصبح عرضة للسقوط فى حالة اى غزو خارجى بما يعنى سقوط الدولة وبذلك انتقلت العاصمة الرسمية من اسطنبول إلى أنقرة
وللحديث بقية

مصطفى الشوربجى
لالالى - اسطنبول
فى 4/11/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق