الأحد، 10 مارس 2013

عرض لـ كتاب الأخوان المسلمون وسنوات ما قبل الثورة



أنتهيت من قراءة كتاب الإخوان المسلمون وسنوات ما قبل الثورة .. فى صراعنا الحالى مع تلك الجماعة المغتصبة الخارجة عن اى توافق او عهد والتى لا ترى سوى اهدافها وتطلعاتها فقط بغض النظر عن اهداف الوطن او آلامه . لابد و أن ننفصل جزئياً عن الصراع اليومى ونحاول قراءة الجماعة من الداخل ونعرف تشريحها ونلمس توجهاتها وخلفياتها والمسكوت عنه فى داخل هذا التنظيم الهرمى المعقد ..
وكتاب الإخوان المسلمون وسنوات ما قبل الثورة يتناول تلك الفكرة .. الغوص فى أعماق الجماعة بعقل وقلم باحث جدير ومحترم فقدناه للاسف منذ عام ولم يشعر به احد فى غمرة الاحداث اليومية التى نمر بها .

نبذة عن المؤلف حسام تمام ( 1972 - 2011 )
من ابرز الخبراء العرب فى شئون الاسلام السياسى ومؤسس أول مرصد متخصص فى دراسة الحركات الاسلامية , عمل محاضراً فى جامعة زيورخ وساهم فى العديد من الاصدارات المتخصصة فى الشرق الاوسط بالتعاون مع عدد من الجهات البحثية الأوربية .




يتناول الكاتب عدة أطروحات مثل تراجع الجماعة عن تراثها المدنى والحضارى او بالاصح موجة الترييف التى حدثت فى الجماعة
وتأكل الأطروحة الأخوانية لمصحلة التيار السلفى المتشدد بما يسميه الكاتب موجة تسلف الجماعة ثم يستعرض مواقف الجماعة ازاء قضايا مثل الجهاد  

1 - الجماعة وفكرتها ..

يبدأ الكاتب فى تشريح فكرة الجماعة ويسهب فى الحديث عن هيكلها والفكرة التى قامت عليها ثم يوصف التيارات المختلفة داخل الجماعة وكيف يراها الفرد الأخوانى وماذا تمثل له .. فيقول
بإستثناء الأطروحة المركزية عن الإسلام الشامل , فثمة تعددية فكرية فيها داخل الجماعة التى تضم تيارات تبدأ من السلفية وتنتهى بالليبرالية المتدينة . لا تميل للحسم فى القضايا الفكرية إلا مضطرة .. لكى تظل الممثل الأول لفكرة الاسلام الشامل . هى إطار سياسى اكبر من حزب واصغر من دولة , خلقت مجتمعاً موازياً له شبكة علاقات ضخمة ... شكلت فضاء إجتماعياً موزاياً كبيراً يعيش فيه المرء من الميلاد للممات .. فـنجد " الأخ " ينتظم فى اسرة تجمعه بأقرانه وتربطه بصلات تنظيمية وإجتماعية , تملأ حياته بحيث لا يستطيع ان يفلت منها أو يفكر فى الافلات , فهو يعيش ويتعلم ويصادق ويتزوج ويجد فرصة عمل وينشط سياسياً ودعوياً فى فضاء إخوانى كامل ولا يتبقى لهم سوى إطلالة على المجتمع من ثقب التنظيم ولا يخرج الفرد من هذا المجتمع المغلق إلا بقطيعة وصدام عنيف .. فمن يختار الإنفصال فهو يرفض بالأساس مجتمع نشأ وتربى به " 
ويكمل ايضاً .. 
يعد الانضمام للأخوان احد آليات الصعود الأجتماعى فى الطبقات الدنيا .. إذ تتيح الجماعة لأعضاءها فرصة التحقق من خلال شبكة إجتماعية كبيرة وتساعد هذه الشبكة فى تأمين الحد الادنى من الضمان الاجتماعى لأعضاءها " 


2  -  ترييف الجماعة 

وينتقل الكاتب بعد ذلك لفكرة الترييف التى طرأت على الجماعة بعد التاسيس الثانى لها فى أوائل السبعينيات بعد حالة الأنحسار التى حدثت لها فى المدن والحضر .. 

اخذت فكرة التنظيم فى الضعف و التراجع فى اوساط الشباب فى المدن خاصة ان الجماعة شهدت فى العقدين الأخيرين زيادة مفرطة فى مساحة التنظيم والعسكرة على حساب الدعوة المفتوحة القادرة على استيعاب كل المقتنعين بالفكرة .  و لعب الريف دوراً بارزاً فى مد الحركة الأخوانية بمخزون اجتماعى , وغالباً يظل هؤلاء أقرب إلى التكوين الريفى فى ثقافتهم و رؤيتهم للعمل العام فالتكوين العلمى والعمل الجامعى يظل لديهم أقرب لوظيفة او منصب . وكثير منهم بالفعل متميز فى الجانب العلمى غير انه منفصل تماماً عن العالم فى تكوينه الثقافى .. لدى جماعة الأخوان نحو ثلاثة آلاف عضو فى هيئات التدريس بالجامعات ولكن معظمهم من دون وعى نقدى وهم فى ذلك جزء من المناخ العام فى مصر  , شهدت السنوات الأخيرة سيادة ثقافة ريفية تخالف ما نشأت عليه الجماعة الحضرية .. ثقافة تتوسل بالقيم الأبوية حيث الطاعة المطلقة والإذعان للمسئول التنظيمى و انتشار سلوكيات مثل تقبيل الايدى والروؤس .

3 - تسلف الجماعة .. 
حدث تحول فقهى وسلوكى شديد الوضوح فى عقل الجمعى للجماعة وصعود بالغ للتيار السلفى على حساب فكرة الاسلام الوسطى التى ميزت الجماعة  ويوضح  تمام هذا الصعود .. 

ظهرت مسائل فقهية معتادة فى الفكر السلفى الوهابى مثل العلاقة بين الرجل والمرأة والموقف من الموسيقى والفنون بشكل عام وظهرت النقاشات والخلافات بين شباب الجماعات و بين بعض شيوخ الازهر وصلت لدرجة اتهامهم بالممالأة وتغلبت روح التشدد فى مواجهة الروح السائدة .. " 
 كما انتشر الحديث لأول مرة عن زى المرأة واخذت مسألة الحجاب تأخذ وزناً مختلفاًً داخل اورقة الجماعة ونظرة لقسم الاخوات فى الجماعة فى بدايات إنشاءها ونظرة أخرى للقسم حالياً تبين بجلاء كيف اختلف زى النساء وشكل الحجاب داخل الجماعة وكيف اثرت الافكار السلفية وانتشرت بشدة داخل هذا التنظيم الذى طالما اكد على وسطيته .. 
وكانت الأجيال التى دخلت الجماعة فى السبعينيات والتى خرجت من رحم الجماعة الاسلامية فى الجامعات دورها الكبير فى تغيير شكل الجماعة وافسح الطريق لأنتشار المد السلفى داخل التنظيم بشدة .. ويذكر فى هذا الصدد عبد المنعم ابو الفتوح فى كتابه
" شاهد على تاريخ الحركة الاسلامية " ان شباب الجماعة الاسلامية كانوا يأخذون على شيوخ الأخوان تهاونهم فى مسائل اللحية والجلباب ولشدة التطرف الذى كان مسيطراً على شباب الجماعة الاسلامية وقتها اضطر شيوخ الأخوان لمجاراتهم بعض الشىء كى يكتسبوا ثقتهم ويستطيعوا إقناعهم بدخول جماعة الأخوان .
ويفسر تمام ذلك التوجه السلفى الجديد بأمر له مدلول شديد الأهمية .. فيقول 
كان الدعم الذى تقدمه الهيئات الدينية السعودية الرسمية والغير رسمية للأسلاميين احد قنوات العلاقة السعودية الاخوانية وتمثل ذلك فى الرحلات الجماعية الميسرة للحج والعمرة التى كانت تعود وخلفها ارطال من الكتب الدينية والوهابية التى تحمل شعار يهدى ولا يباع " 

كما يبين اثر ذلك التوجه على فقه الإخوان وخطابهم .. 
فى مشروع الأخوان لدستور إسلامى عام 1953 كان من السهل حسم مسألة المواطنة لتصبح بعد اكثر من نصف قرن من التطورات المتلاحقة من اكثر القضايا التى حدثت فيها تراجعاً فى مشروعهم لعام 2007 ." 


3 - فكرة الجهاد عند الأخوان ..  يقول تمام 
الجهاد فكرة مركزية فى منهج الاسلام السياسى , بحيث لا يمكن تجاوزها بمبدأ المراجعة الفكرية . ولكن معركة الجهاد لدى الأخوان تبدو رهناً بدرجة الحضور أو الابتعاد عن السياسة . لا يرفض الاخوان فكرة الجهاد المسلح فى مواجهة المحتل او الدولة الغير اسلامية ولكنهم لا يتورطوا بأنفسهم فى اى مواجهات ويفضلوا ان ينوب عنهم الاخرون 
وقرر الاخوان ان الاولوية لبناء التنظيم مع الاستفادة الدعائية من الجهاد
وفيما يلى عدة أمثلة من عدة دول يوضح كيف تفاعل الأخوان مع فكرة الجهاد 

فى مصر .. 
بعد إغتيال السادات على يد تنظيم الجهاد والجماعة الاسلامية سارع الاخوان بتحديد موقفهم ودشن الاخوان حضورهم الجديد على اساس انه تيار الاعتدال وكان قرارهم بالتحالف مع حزب الوفد الليبرالى فى انتخابات 84 , وصارت الجماعة تتورط بالتدريج فى منظومة يصعب ان تنتج عنفاً حتى لو حمل من يدخلها جينات كامنة لهذا العنف تاسيساً على كتب وادبيات تجاوزتها الجماعة ولم تملك جرأة نقدها ومراجعتها .

فى الجزائر 
التحقت الجماعة بالسلطة فى مواجهة مشروع جبهة الانقاذ الاسلامى وقبلت اللعب دور الاسناد الاسلامى للعسكر فى حملتهم ضد التمرد الاسلامى وقبل محفوظ نحناح زعيم جماعة الاخوان فى الجزائر المشاركة فى الانتخابات الرئاسية الصورية .

فى العراق 
لم يتردد الاخوان فى الألتحاق بالعملية السياسية تحت قيادة الحكم الانتقالى برعاية بول بريمر مندوب الاحتلال وفضلوا مقاومة الاحتلال بالعودة إلى التوبة كما سجلت لوحات إعلانية إمتلات بها مساجد العراق ( قاوموا الاحتلال بالتوبة فى رمضان )

فى سوريا .. اختلفت القصة 
كان أخوان سوريا الاستثناء .. حيث تمردوا عسكرياً على السلطة ونظام الاسد وانتهت المواجهات بمجزرة عكسرية فى حماة راح ضحيتها الألاف .
انتهى عرض الكتاب وبقى تعليق
الكتاب بالفعل رائع جداً ويختلف كثيراً عن فكرة عضو الاخوان المنشق الذى يصدر كتاباً يقطع فيه اوصال الجماعة وتفوح من كتابته رائحة الانتقام ويشوب حديثه كثير من عدم الموضوعية
اما هذا الكتاب فيعرض بشكل علمى وموثق بشدة التطورات والتحولات التى طرأت على جماعة الاخوان بعد تأسيسها الثانى


مصطفى شوربجى
10/3/2013










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق